يَا بَائِعَ العِلْمِ...

يَا بَائِعَ العِلْمِ بِالدُّنْيَا يُشَارِيهِ

لَجَلْسَةُ العِلْمِ تَسْوَى كُلَّ مَا فِيها

لَا شَيْءَ كَالْعِلْمِ يَشْفِي جَهْلَ صَاحِبِهِ

وَلَا سَقَى مُثْلُهُ الظَمْآنَ سَاقِيها

وَالعِلْمُ لِلْمَرْءِ سُلْوَانٌ بِلَا سَأَمٍ

وَفِي اللَّيَالِي لِبَاسَ الأُنْسِ يَكْسِيها

يَبْقَي سِرَاجاً يُنِيرُ دَرْبَ سَالِكِهِ

كَشَّمْعَةٍ فِي ظَلَامِ اللَّيْلِ يُغْشِيها

بِهِ يَنَالُ الفَتَى أَعْلَى مَنَازِلِهِ

حَتَّى الثُّرَيَّا بِلَا خَوْفٍ يُجَارِيها

تَزْكُو قُلُوبُ الأَنَامِ عِنْدَ صُحْبَتِهِ

وَمِنْهُ يَجْنِي ثِمَارَ الخَيْرِ جَانِيها

يَسْتَغْفِرُ الحُوتُ فِي البَحْرِ لَهُ كَرَمَاً

وَالنَّمْلُ وَالَخْلُق جَمْعَاً فِي أَقَاصِيها

إِنْ جَنَّ لَيْلٌ بَدَى نِبْرَاسَ قَارِئِهِ

وَفِي النَّهَارِ حُرُوفَ النُّورِ يُهْدِيها

يَا تَارِكَ العِلْمِ إِنَّ الجَهْلَ مَفْسَدةٌ

لَخُصْلَةُ العِلْمِ تُثْرِي الرُّوحَ تُذْكِيها

إِنَّ الجَهَالَةَ دَاءٌ لَا دَوَاءَ لَهُ

يَعْشُو الفُؤَادَ وَعَيْنَ المَرْءِ يُعْمِيها

إِذَا الْمَحَبَّةُ صَحَّتْ مِنْكَ صَادِقَةً

أَخْضَعْتَ نَفْسَكَ للتَّهْذِيبِ تُزْكِيها

كمَاَ طَلَبْتَ فُنُونَ العَيْشِ مُجْتَهِدَاً

هَلْا دَرَيْتَ عُلُومَ الدِّينِ دَارِيها؟

فَارْفَعْ عَنِ النَّفْسِ عَيْبَ الجَهْلِ مُحْتَسِبَاً

فَالنَّفْسُ تَزْكُو بِعِلْمِ الدِّينِ زَاكِيها

لقائله...